مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
يتعلق موضوع هذا العمل بدراسة نقدية فنومينولوجية مضمونها: القيمة الجمالية والتأويلية للرمز: لوحة "غرنيكا"(1) نموذجا، من خلال فلسفة موريس مرلو-بونتي (1908-1961) وسياقها النظري الذي تنتمي إليه وهو فلسفة الفن، التي تعتبر أن الفن برمته هو نشاط ذهني يعبر عن اقتدار إنساني في اختراع قيمه الفنية، على قاعدة معيارية تأسست على قيمة الحرية بما هي صفة نوعية للإنسان وعلى هذا الأساس المعياري عليه أن يضطلع بمسؤولية نحت وجوده الحر المنشود أي وجود جدير بمقام الإنسانية الفعلية، زمن الانتهاك الصادم لقيمة ووجود الكينونة.
وإن كنا قد عدنا نحو هذا المعلم التشكيلي، فذلك يعود إلى ما تحتله المدونة التشكيلية للرسام "السريالي"(2)، من مكانة رمزية واعتبارية هائلة، من حيث القيمة الجمالية والتأويلية في نص فلسفة الإدراك لمرلو-بونتي، وبشكل خاص منذ توطئة الأثر الرئيس: "علامات"(3) (1960). وهو الكتاب الذي كتبه الفيلسوف الفنومينولوجي تحت طائلة كثافة الحدث السياسي والاجتماعي والأفق الثوري الذي عاشه الفيلسوف. والمقصود ههنا الأفق الفكري الذي سوف يمهد لما عرّف في سرديات الثورات الحديثة. بالمد الثوري الذي عاشته فرنسا زمن ستينات القرن الماضي، ونقصد ثورة ماي 1968. والسؤال الذي علينا طرحه هو: كيف يمكن الإنصات للتعابير الرمزية في "غرنيكا" وتأويلها؟ بمعنى كيف يكون الإصغاء إلى صمت العلامة الرمزية، تمرينا مضاعفا للتفكير، تختبر إمكانيات الإجابة عنه الفلسفة على أرضية الفن، بمعنى كيف يمكن للفلسفة أن تكتب برموزها المفهومية الصمت الذي يسكن لوحة الرسم؟